Jump to content

Shareef Raza

ںاظم اعلیٰ
  • کل پوسٹس

    1,494
  • تاریخِ رجسٹریشن

  • آخری تشریف آوری

  • جیتے ہوئے دن

    22

سب کچھ Shareef Raza نے پوسٹ کیا

  1. مفتی احمد یار خان نعیمی علیہ الرحمۃ جاء الحق تقلید کی بحث صفحہ 62 مطبوعہ مکتبہ غوثیہ میں فرماتے ہیں۔ ولقد یسرنا القرآن میں فرمایا ہے کہ ہم نے قرآن کو حفظ کرنے کے لئے آسان کیا ہے نہ کہ اس سے مسائل استنباط کرنے کے لئے ۔مزید فرماتے ہیں اگر مسائل نکالنا اآسان ہے تو پھر حدیث مبارک کی بھی ضرورت ہےقرآن میں سب کچھ ہے قرآن آسان ہے پھر سکھانے کے لئے نبی کیوں آئے ۔
  2. Low Quality http://media.islamieducation.com/sunnirisail/Books/rasala.pdf High Quality http://www.scribd.com/doc/172974889/JA-Al-haq-Shumara-NO-1-islamimehfil-com http://www.slideshare.net/mughal_us/ja-al-haqislamimehfil-shumara-1
  3. اسلامی محفل کے قوانین کی پاسداری کرنا ممبران پر لازم ہے ۔ ذیل پوسٹ بحث برائے بحث کی سمت اختیار کرچکی ہے۔ لہذا اسے لاک کیا جارہاے ۔ نیززید حامد کے موضوع پر پہلے گفتگو ہوچکی ہے ۔ لہذا دلائل کی صورت میں سابقہ پوسٹ کی طرف رجوع کیا جاسکتا ہے ۔
  4. Ap ki posts mai koi masla nahee theak ho rahee hain.
  5. بـسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته إخواني أعضاء منتدى اسلامية قبل أن تكتب اقرأ " قوانين المنتدى اسلامية " عدم كتابة أي موضوع خارج عن مذهب أهل السنة . يجب الإلتزام با اللغۃ العربیۃ ای عدم كتابة ماسوی فی اللغۃ العربیہ التأكد من صحة المواضيع قبل نقلها ومن يضع موضوع يخالف هذه الشروط سوف يتم حذفه اسفين تقبلوا تحياتنا اسأل الله ان يرزقنا الاخلاص في اقوالنا وافعالنا وصفاء النيات والسرائر.. ويجعل كل ما نكتب خالصا لوجهه الكريم
  6. Disclaimer regarding (http://www.darululoomkhi.edu.pk/home.html) Janab .hamain is baray mai koi malomat nahe aur islamimehfil aur islamieducation.com ki intazamia ko nahe malom kay yei website kis nay hamari site par redirect kari hai is site ka owner is silsilay mai khud zimma dar hai kisi bhe legal issue ki sorat mai hamari koi zimmadari nahe hai..
  7. السلام وعلیکم ورحمۃ اللہ وبرکاتہ جی بھائی ان دونوں مصنفین کی کتابیں شائع ہوگئیں ہیں مولانا محمد عیسیٰ رضوی کی کتاب تو انڈیا کے دارلقلم دہلی سے شائع ہوچکی ہے جبکہ مولانا حنیف خان صاحب کی کتاب جو کہ کافی ضخیم ہے ۱۰جلدوں میں پاک و ہند دونوں سے شائع ہوئی ہے پاکستان میں شبیر برادرز لاہور سے شائع ہوئی ۱ جلد مقدمہ پر مشتمل ہے باقی ۲ ۳ ۴ ۵ احادیث پر مشتمل ہے جن میں احادیث نقل کرنے کے بعد فوائد بھی نقل کئے ہیں اعلیٰ حضرت علیہ الرحمہ کی کتب سے ، اورجلد۶ فہارس پر مشتمل ہے جس میں عربی اردو فہارس دونوں جمع ہیں ۷ کتاب الشتیٰ پر یعنی متفرق احادیث اس میں جمع ہیں ۱۰،۹،۸، تفسیر پر مشتمل ہے جس میں اعلیٰ حضرت نے فتاویٰ رضویہ اور دیگر کتب میں جہاں قرآ ن پاک کی آیت کی تفسیر نقل کی ہے اس کو جمع کیا ہے۔ اور جامع الاحادیث کو نیٹ پر اعلیٰ حضرت نیٹ ورک ڈاٹ او آر جی سے مطالعہ کیا جاسکتا ہے۔ نیز ان دوکتابوں کی مقبولیت کے بعد بہارشریعت میں موجود احادیث بھی تخریج کی صورت میں آچکی ہیں بنام :امجد الاحادیث۔
  8. مقـام المخلـوق أما هو صلى الله عليه وسلم فإننا نعتقد أنه صلى الله عليه وسلم بشر يجوز عليه ما يجوز على غيره من البشر من حصول الأعراض والأمراض التي لا توجب النقص والتنفير كما قال صاحب العقيدة : وجائز في حقهم من عرض :: بغير نقص كخفيف المرض وأنه صلى الله عليه وسلم عبد لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً إلا ما شاء الله ، قال تعالى : } قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ { الأعراف : 188. وأنـه صلى الله عليـه وسلم قد أدى الرسالـة وبلغ الأمانة ونصح الأمــة وكشف الغمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين ، فانتقل إلى جوار ربه راضياً مرضياً كما قال تعالى : } إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ { . وقال : } وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ { . والعبودية هي أشرف صفاته صلى الله عليه وسلم ، ولذلك فإنه يفتخر بها ويقول : [ إنما أنا عبد ] ووصفه الله بها في أعلى مقام } سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ { ، وقال : } وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً { . والبشرية هي عين إعجازه فهو بشر من جنس البشر لكنه متميز عنهم بما لا يلحقه به أحد منهم أو يساويه كما قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه في الحديث الصحيح : ((إني لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني)).. وبهذا ظهر أن وصفه صلى الله عليه وسلم بالبشرية يجب أن يقترن بما يميزه عن عامة البشر من ذكر خصائصه الفريدة ومناقبه الحميدة ، وهذا ليس خاصاً به صلى الله عليه وسلم ، بل هو عام في حق جميع رسل الله سبحانه وتعالى لتكون نظرتنا إليهم لائقة بمقامهم ، وذلك لأن ملاحظة البشرية العادية المجردة فيهم دون غيرها هي نظرة جاهلية شركية ، وفي القرآن شواهد كثيرة على ذلك ، فمن ذلك قول قوم نوح في حقه فيما حكاه الله عنهم إذ قال : } فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا { سورة هود : 27 . ومن ذلك قول قوم موسى وهارون في حقهما فيما حكاه الله عنهم إذ قال : } فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ { المؤمنون : 47 . ومن ذلك قول ثمود لنبيهم صالح فيما حكاه الله عنهم بقوله : } مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ { سورة الشعراء : 154 . ومن ذلك قول أصحاب الأيكة لنبيهم شعيب فيما حكاه الله عنهم بقوله : } قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ { سورة الشعراء : 186 . ومن ذلك قول المشركين في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد رأوه بعين البشرية المجردة فيما حكاه الله عنهم بقوله : } وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ { ، ولقد تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه حديث الصدق بما أكرمه الله تعالى به من عظيم الصفات وخوارق العادات التي تميز بها عن سائر أنواع البشر ([1]). فمن ذلك ما جاء في الحديث الصحيح أنه قال : (( تنام عيناي ولا ينام قلبي )) . وجاء في الصحيح أنه قال : (( إني أراكم من وراء ظهري كما أراكم من أمامي )) .. وجاء في الصحيح أنه قال : (( أوتيت مفاتيح خزائن الأرض )) . وهو صلى الله عليه وسلم وإن كان قد مات إلا أنه حي حياة برزخية كاملة يسمع الكلام ويرد السلام وتبلغه صلاة من يصلي عليه وتعرض عليه أعمال الأمة فيفرح بعمل المحسنين ويستغفر للمسيئين وأن الله حرم على الأرض أن تأكل جسده فهو محفوظ من الآفات والعوارض الأرضية . وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أفضل أيامكم يوم الجمعة : فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليَّ)) . قالوا : يا رسول الله ! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يعني بليت ؟ فقال : ((إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)) .. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه. وفي ذلك رسالة خاصة للحافظ جلال الدين السيوطي أسماها ((إنباء الأذكياء بحياة الأنبياء)) . عن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، فإذا أنا مت كانت وفاتي خيراً لكم تعرض عليَّ أعمالكم فإن رأيت خيراً حمدت الله وإن رأيت شراً استغفرت لكم)) . قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام)) . رواه أحمد وأبو داود . قال بعض العلماء : رد عليَّ روحي أي نطقي ، وعن عمار بن يسار رضي الله عنه قال : ((قال رسول الله r : إن الله وكّل بقبري ملكاً أعطاه الله أسماء الخلائق ، فلا يصلي عليَّ أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه ، هذا فلان بن فلان قد صلى عليك)) . رواه البزار وأبو الشيخ ابن حبان ولفظه : قال رسول الله r : ((إن لله تبارك وتعالى ملكاً أعطاه أسماء الخلائق فهو قائم على قبري إذا مت ، فليس أحد يصلي عليَّ إلا قال : يا محمد ! صلى عليك فلان بن فلان ، قال : فيصلي الرب تبارك وتعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشراً)) .. رواه الطبراني في الكبير بنحوه ([2]) . وهو صلى الله عليه وسلم وإن كان قد مات إلا أن فضله ومقامه وجاهه عند ربه باق لا شك في ذلك ولا ريب عند أهل الإيمان ، ولذلك فإن التوسل به إلى الله سبحانه وتعالى إنما يرجع في الحقيقة إلى اعتقاد وجود تلك المعاني واعتقاد محبته وكرامته عند ربه وإلى الإيمان به وبرسالته ، وليس هو عبادة له ، بل إنه مهما عظمت درجته وعلت رتبته فهو مخلوق لا يضر ولا ينفع من دون الله إلا بإذنه . قال تعالى : } قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ { . ] ] ]
  9. سباب المسلم فسوق وقتاله كفر إعلم أنّ كراهة المسلمين ومقاطعتهم ومدابرتهم محرّمة وكان سباب المسلم فسوقاً وقتاله كفراً إذا استحل . وكفى رادعاً في هذا الباب حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه في سريته إلى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام ، فلما انتهى إليهم تلقوه ، فقال لهم : أسلموا ، فقالوا : نحن قوم مسلمون ، قال : فألقوا سلاحكم وانزلوا ، قالوا : لا والله ما بعد وضع السلاح إلا القتل ما نحن بآمنين لك ولا لمن معك ، قال خالد فلا أمان لكم إلا أن تنزلوا فنزلت فرقة منهم وتفرقت بقية القوم . وفي رواية انتهى خالد إلى القوم فتلقوه ، فقال لهم ما أنتم أي : أمسلمون ؟ أم كفار ؟ قالوا : مسلمون قد صلينا وصدقنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبنينا المساجد في ساحتنا وأذنا فيها ، وفي لفظه لم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا ، فقالوا: صبأنا صبأنا ، قال فما بال السلاح عليكم ؟ قالوا : إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السلاح ، قال : فضعوا السلاح فوضعوا ، فقال : استأسروا فأمر بعضهم فكتف بعضاً وفرقهم في أصحابه فلما كان السحر نادى منادي خالد : من كان معه أسير فليقتله ، فقتل بنو سليم من كان معهم وامتنع المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم ، وأرسلوا أسراهم فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل خالد ، قال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ، قال ذلك مرتين . وقد يقال أن خالداً فهم أنهم قالوا ذلك على سبيل الأنفة وعدم الانقياد إلى الإسلام وإنما أنكر عليه صلى الله عليه وآله وسلم العجلة وعدم التثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم صبأنا ، وقد قال عليه الصلاة والسلام نعم عبد الله أخو العشيرة خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على الكافرين والمنافقين . وكذلك قصة أسامة بن زيد حب رسول الله وابن حبه فيما رواه عنه البخاري عن أبي ظبيان قال : سمعت أسامة بن زيد يقول : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة ، فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف الأنصاري عنه وطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا أسامة ! أقتلته بعدما قال : لا إله إلا الله ، قلت : كان متعوذاً ، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت ذلك اليوم ، وفي رواية أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ألا شققت على قلبه ، فتعلم أصادق أم كاذب قال أسامة : لا أقاتل أحداً يشهد أن لا إله إلا الله . وقد سئل علي – رضي الله عنه – عن المخالفين له من الفرق أكفار هم ؟ قال : لا ، إنهم من الكفر فروا ، فقيل : أمنافقون هم ؟ فقال : لا ، إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً ، وهؤلاء يذكرون الله كثيراً ، فقيل : أي شيء هم ؟ قال : قوم أصابتهم الفتنة فعموا وصمُّوا . c c c مقام الخالق ومقام المخلوق إن الفرق بين مقام الخالق والمخلوق هو الحد الفاصل بين الكفر والإيمان ، ونعتقد أن من خلط بين المقامين فقد كفر والعياذ بالله . ولكل مقام حقوقه الخاصة ، ولكن هناك أموراً ترد في هذا الباب وخصوصاً فيما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه التي تميزه عن غيره من البشر وترفعه عليهم هذه الأمور قد تشتبه على بعض الناس لقصر عقولهم وضعف تفكيرهم وضيق نظرهم وسوء فهمهم ، فيبادرون إلى الحكم بالكفر على أصحابها وإخراجهم عن دائرة الإسلام ظناً منهم أن في ذلك تخليطاً بين مقام الخالق والمخلوق ، ورفعاً لمقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى مقام الألوهيـة ، وإننا نبرأ إلى الله سبحانه وتعالى من ذلك . وإننا بفضل الله تعالى نعرف ما يجب لله تعالى ، وما يجب لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ونعرف ما هو محض حق لله تعالى وما هو محض حق لرسوله صلى الله عليه وسلم من غير غلو ولا إطراء يصل إلى حد وصفه بخصائص الربوبية والألوهية في المنع والعطاء والنفع والضر الاستقلالي [دون الله تعالى] والسلطة الكاملة والهيمنة الشاملة والخلق والملك والتدبير والتفرد بالكمال ، والجلال والتقديس والتفرد بالعبادة بمختلف أنواعها وأحوالها ومراتبها . أما الغلو الذي يعني التغالي في محبته وطاعته والتعلق به ، فهذا محبوب ومطلوب كما جاء في الحديث : ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم)) .. والمعنى أن إطراءه والتغالي فيه والثناء عليه بما سوى ذلك هو محمود ، ولو كان معناه غير ذلك لكان المراد هو النهي عن إطرائه ومدحه أصلاً ومعلوم أن هذا لا يقوله أجهل جاهل في المسلمين ، فإن الله تعالى عظم النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن بأعلى أنواع التعظيم ، فيجب علينا أن نعظم من عظمه الله تعالى وأمر بتعظيمه .. نعم يجب علينا أن لا نصفه بشيء من صفات الربوبية ورحم الله القائل حيث قال : دع ما ادعته النصارى في نبيهم :: واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم فليس في تعظيمه صلى الله عليه وسلم بغير صفات الربوبية شيء من الكفر والإشراك ، بل ذلك من أعظم الطاعات والقربات ، وهكذا كل من عظمهم الله تعالى كالأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وكالملائكة والصديقين والشهداء والصالحين ، قال الله تعالى : } ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ{ ، وقال تعالى : } ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ { . ومن ذلك الكعبة المعظمة والحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام ، فإنها أحجار وأمرنا الله تعالى بتعظيمها بالطواف بالبيت ومس الركن اليماني وتقبيل الحجر الأسود وبالصلاة خلف المقام ، وبالوقوف للدعاء عند المستجار وباب الكعبة والملتزم ، ونحن في ذلك كله لم نعبد إلا الله تعالى ، ولم نعتقد تأثيراً لغيره ولا نفعاً ولا ضراً فلا يثبت شيء من ذلك لأحد سوى الله تعالى . ] ] ]
  10. موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب وقد وقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الميدان موقفاً عظيماً ، قد يستنكره كثير ممن يدعي أنه منسوب إليه ومحسوب عليه ، ثم يكيل الحكم بالتكفير جزافاً لكل من خالف طريقته ونبذ فكرته ، وها هو الشيخ محمد ابن عبد الوهاب ينكر كل ما ينسب إليه من هذه التفاهات والسفاهات والافتراءات فيقول ضمن عقيدته في رسالته الموجهة لأهل القصيم قال : ثم لا يخفى عليكم أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم قد وصلت إليكم وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم ، والله يعلم أن الرجل افترى عليَّ أموراً لم أقلها ولم يأت أكثرها على بالي . فمنها : قوله : إني مبطل كتب المذاهب الأربعة ، وإني أقول : إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء ، وإني أدعي الاجتهاد ، وإني خارج عن التقليد ، وإني أقول : إن اختلاف العلماء نقمة ، وإني أكفر من توسل بالصالحين ، وإني أكفر البوصيري لقوله : يا أكرم الخلق ، وإني أقول : لو أقدر على هدم قبة رسول الله r لهدمتها ، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزاباً من خشب ، وإني أحرم زيارة قبر النبي r ، وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما ، وإني أكفر من حلف بغير الله ، وإني أكفر ابن الفارض وابن عربي ، وإني أحرق دلائل الخيرات وروض الرياحين ، وأسميه روض الشياطين . جوابي عن هذه المسائل : أن أقول : } سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ { ، وقبله من بهت محمداً صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم ، ويسب الصالحين ، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب ، وقول زور . قال تعالى : } إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ { الآية ، بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول : إن الملائكـة وعيسى وعزيراً في النار ، فأنزل الله في ذلك : } إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ { . أنظر الرسالة الأولى من الرسائل الشخصية ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب المنشورة باهتمام جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . (القسم الخامس ص ) رسالة مهمة أخرى للشيخ في الموضع هذه رسالة أرسلها الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى السويدي عالم من أهل العراق ، وكان قد أرسل له كتاباً وسأله عما يقول الناس فيه ، فأجابه بهذه الرسالة : قال فيها : إن إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن يحكيه فضلاً عن أن يفتريه مما قلتم : أنني أكفر جميع الناس إلا من اتبعني ، ويا عجباً كيف يدخل هذا في عقل عاقل ، وهل يقول هذا مسلم ؟ . وما قلتم : لو أنني أقدر على هدم قبة النبي r لهدمتها ، وفي دلائل الخيرات وحرمته ، وأنهى عن الصلاة على النبي r بأي النظم كان ، فهذا من البهتان ، والمسلم لا يظن من قلبه أجلّ من كتاب الله . وفي صحيفة 64 من نفس الكتاب قال رحمه الله : وما قلتم : أنني أكفر من توسل بالصالحين ، وأكفر البوصيري لقوله : يا أكرم الخلق ، وأنكر زيارة قبر النبي r ، وأنكر زيارة قبور الوالدين وغيرهم ، وأكفر من حلف بغير الله . جوابي على ذلك أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم . أنظر القسم الخامس – الرسائل الشخصية ص37 من مجموعة مؤلفات الشيخ
  11. منهج الكتــــاب هذا وقد جعلنا هذا الكتاب على ثلاثة أبواب كالآتي: البــاب الأول: مباحث في العقيدة وفيها بيان فساد مقاييس التفكير والتضليل اليوم. البــاب الثاني: مباحث نبوية . وفيها خصائص النبي r وحقيقة النبوة وحقيقة البشرية ومفهوم التبرك بالنبي r وآثاره . البــاب الثالث: مباحث مختلفة وفيها بيان الحياة البرزخية ومشروعية الزيارة النبوية وما يتعلق بها من الآثار والمشاهد والمناسبات الدينية . الباب الأول مباحث في العقـيدة وفيها بيان فساد مقاييس التكفير والتضليل اليوم التحذير من المجازفة بالتكفير يخطئ كثير من الناس – أصلحهم الله – في فهم حقيقة الأسباب التي تخرج صاحبها عن دائرة الإسلام وتوجب عليه الحكم بالكفر ، فتراهم يسارعون إلى الحكم على المسلم بالكفر لمجرد المخالفة حتى لم يبق من المسلمين على وجه الأرض إلا القليل ، ونحن نلتمس لهؤلاء العذر تحسيناً للظن ، ونقول لعل نيتهم حسنة من دافع واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكن فاتهم أن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابد في أدائه من الحكمة والموعظة الحسنة وإذ اقتضى الأمر المجادلة يجب أن تكون بالتي هي أحسن كما قال تعالى : } ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ { .. وذلك أدعى إلى القبول وأقرب للحصول على المأمول ومخالفته خطأ وحماقة . فإذا دعوت مسلماً يصلي ، ويؤدي فرائض الله ، ويجتنب محارمه وينشر دعوته ، ويشيد مساجده ، ويقيم معاهده ، إلى أمر تراه حقاً ويراه هو على خلافك والرأي فيه بين العلماء مختلف قديماً إقراراً وإنكاراً فلم يطاوعك في رأيك فرميته بالكفر لمجرد مخالفته لرأيك فقد قارفت عظيمة نكراء ، وأتيت أمراً إدّاً نهاك عنه الله ودعاك إلى الأخذ فيه بالحكمة والحسنى. قال العلامة الإمام السيد أحمد مشهور الحداد : وقد انعقد الإجماع على منع تكفير أحد من أهل القبلة إلا بما فيه نفي الصانع القادر جل وعلا أو شرك جلي لا يحتمل التأويل أو إنكار النبوة أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة أو إنكار متواتر أو مجمع عليه ضرورة من الدين . والمعلوم من الدين ضرورة كالتوحيد والنبوات وختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم والبعث في اليوم الآخر والحساب والجزاء والجنة والنار يكفر جاحده ، ولا يعذر أحد من المسلمين بالجهل به إلا من كان حديث عهد في الإسلام فإنه يعذر إلى أن يتعلمه فإنه لا يعذر بعده. والمتواتر الخبر الذي يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب عن جمع مثلهم إما من حيث الإسناد كحديث : (( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )) .. وإما من حيث الطبقة كتواتر القرآن فإنه تواتر على البسيطة شرقاً وغرباً درساً وتلاوة وحفظاً وتلقاه الكافة عن الكافة طبقة عن طبقة فلا يحتاج إلى إسناد. وقد يكون تواتر عمل وتوارث كتواتر العمل على شيء من عصر النبوة إلى الآن ، أو تواتر علم كتواتر المعجزات فإن مفرداتها وإن كان بعضها آحاداً لكن القدر المشترك منها متواتر قطعاً في علم كل إنسان مسلم . وإن الحكم على المسلم بالكفر في غير هذه المواطن التي بيناها أمر خطير ، وفي الحديث (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما) . رواه البخاري عن أبي هريرة . ولا يصح صدوره إلا ممن عرف بنور الشريعة مداخل الكفر ومخارجه والحدود الفاصلة بين الكفر والإيمان في حكم الشريعة الغراء . فلا يجوز لأي إنسان الركض في هذا الميدان والتكفير بالأوهام والمظان دون تثبت ويقين وعلم متين وإلا اختلط سيلها بالأبطح ولم يبق مسلم على وجه الأرض إلا القليل . كما لا يجوز التكفير بارتكاب المعاصي مع الإيمان والإقرار بالشهادتين ، وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال : لا إله إلا الله لا نكفره بذنب ولا نخرجه عن الإسلام بالعمل ، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار )) .. (أخرجه أبو داود) .. وكان إمام الحرمين يقول : لو قيل لنا : فصِّلُوا ما يقتضي التكفير من العبارات مما لا يقتضي ، لقلنا : هذا طمع في غير مطمع فإن هذا بعيد المدرك وعر المسلك يستمد من أصول التوحيد ومن لم يحظ بنهايات الحقائق لم يتحصل من دلائل التكفير على وثائق . لذلك نحذر كل التحذير من المجازفة بالتكفير في غير المواطن السابق بيانها لأنه جد خطير والله الهادي إلى سواء السبيل وإليه المصير
  12. مفاهيم يجب أن تصحح لسليل بيت العلم والتقى الدكتور محمد علوي المالكي الحسني خادم العلم الشريف بالبلد الحرام الناشر: دار جوامع الكلم – الدراسة – القاهرة تليفون : 5898029 تأليف محمد بن علوي المالكي الناشر دار جوامع الكلم 17 ش الشيخ صالح الجعفري – الدراسة القاهـــرة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. في بلد الله الحرام مكة المكرمة وفي حرم بيت الله الحرام التقيت مع فضيلة الإمام الداعية الشيخ محمد بن علوي المالكي صلة لرحم الصداقة والمودة والعلم مع والدي الشيخ صالح الجعفري إمام الجامع الأزهر وفي جلسة أمتعنا فيها من غزير علمه وحسن بيانه وقوة حجته فاستأذنته في طباعة كتابه (مفاهيم يجب أن تصحح) لما في الكتاب من عظيم الفائدة خاصة في الرد على المنكرين والجاحدين بما وهبه الله من علم أوقفه للدعوة لله والزود عن نبيه وأهل بيته والأولياء والصالحين والعلماء العاملين بدعوة كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما فتح الله به عليه من صدق الكلمة وأصالة الحجة ومنطق الحق – فوافق الشيخ مشكوراً على طباعته مدداً لرسالته ودعوته وإنه لشرف عظيم أن تحظى – دار جوامع الكلم – بموافقة الشيخ وتكريمه لها بطباعة هذه الحجة البالغة النادرة. والدعاء إلى الله عز وجل أن يديم على الشيخ الداعية ثوب الصحة ويكرمه بالتوفيق والنصر والتأييد إن شاء الله تعالى. عبد الغني صالح الجعفري صاحب دار جوامع الكلم للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة 17 شارع الشيخ صالح الجعفري - الدراسة - القاهرة ملاحظــة نظراً للأهمية البالغة لهذا الكتاب الذي بين أيدينا وتعطش الكثير من طلبة العلم وعشاق الحقيقة للاطلاع على محتوى هذا الكتاب فقد قام العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى بطباعة هذا الكتاب باستخدام تقنية الحاسب الآلي ساعياً لنشره عبر الشبكة المعلوماتية (الإنترنت) مبتغياً وجه الله تعالى راجياً عفوه ومغفرته ورحمته وثوابه واجتناب عقابه وراجياً من الله تعالى أن ينال القبول وأن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعله في ميزان حسناته وفي ميزان حسنات كل من يساهم في نشره. ولي حق على قارئي هذا الكتاب ألا ينسوني من دعائهم وأن يغفروا لي ما قد يكون وقع في طباعته من سهو أو خطأ في النقل والله من وراء القصد. تنبيــــه لمعرفة المزيد عن مؤلف الكتاب الشيخ الدكتور محمد بن علوي المالكي الحسني سليل بيت النبوة وللاطلاع على مؤلفاته وبعض من كتاباته يمكنكم زيارة الموقع الخاص بالشيخ على العنوان التالي بسـم الله الرحـمـن الرحيـم { تمهيــــد الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعـــد … فإن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بنعم كثيرة ، أجلها وأعظمها نعمة الإسلام ، أكرم بها من نعمة ، ومنها نعمة الأمن التي نتمتع فيها بالأمان والسكينة والاطمئنان في ربوع هذه البلاد ، ومنها نعمة تطبيق الشريعة الإسلامية بإقامة الحدود والتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد بن عبد الله r ، وذلك بفضل الله ثم بفضل الحكام الذين جعلهم الله حماة لهذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين ، والذين وفقهم الله لخدمة هذين الحرمين وشرفهم بالقيام بأمانة الحراسة والرعاية والحفظ لهما فبذلوا جهدهم في سبيل ذلك. ووجدوا بحمد الله العون في أبناء هذا الشعب المخلص الوفي الذي أعطى البيعة بصدق ، وحفظ العهد بحق ورعى الذمة في الحضور والغيبة ، فنحن على ذلك العهد قائمون وبتلك الذمة موفون انطلاقاً من إيماننا الصافي ، وعقيدتنا السلفية ومنهجنا النبوي ، لأن هذه البلاد بفضل الله طاهرة من كل رجس سالمة من كل شرك بإخبار رسول الله r إذ قال: (( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب )) .. وقــال: (( إن الشيـطـان قـد أيس أن يعبد في جزيرتكـم )) - جزيرة العرب .. وقـال: (( اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد )) .. ( ودعاؤه مستجاب ) .. وقال: (( إن أخوف ما أتخوف على أمتي الإشراك بالله .. أما أني لست أقول يعبدون شمساً ولا قمراً ولا وثناً ، ولكن أعمالاً لغير الله وشهوة خفية )) .. رواه ابن ماجه في كتاب الزهد. خصوصاً وقد أخبر أن هذه البلاد معقل الإيمان ومرجع أهله وملاذ حملته إذ قال: (( أن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها )) .. وفي رواية إن الإيمان ليأرز إلى الحجاز. ولقد عمل أئمة هذه البلاد وحكامها منذ بداية عهدهم على ترسيخ هذه المعاني وتثبيت ذلك في قلوب الناس ابتداء من جلالة المرحوم الملك عبد العزيز الذي وحد الجزيرة وجمع الكلمة وأزال الفوارق العصبية وهدم الحواجز العنصرية فعاش الناس متحابين يجمعهم مبدأ واحد وتلم شعثهم راية واحدة ، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. عاشوا على هذا المبدأ وإن اختلفت آراؤهم أو تنوعت مشاربهم. فالأصل واحد والولاء واحد ، والعهد صادق ، والوفاء لازم ، ولكن بعض المتطفلين من الدخلاء والعملاء الأجانب يحبون أن يصيدوا في الماء العكر فيشوهون الصورة ويشيعون الفتنة ويلبسون البرآء الذين لا يعرفون النفاق ثوب السوء وإرادة الشر وهم بهذا يفتحون باباً آخر نحن في غنى عنه ويوجهون الأنظار إلى ما هي غافلة عنه ، ولكن لا بأس ؛ فإن الثقة في الله وحسن الظن في حكامنا أهل العقل والنظر يبعث الطمأنينة في النفوس بأن لا يأخذوا بأقوال الوشاة ودعاة الفتنة من الذين لا هم لهم إلا تفريق كلمة المسلمين. خصوصاً وأننا في ظل هذه الدولة السنية التي تحمي العقيدة الصحيحة الصافية وتبذل جهدها لنشرها والدعوة إليها في ظل دولة التوحيد التي تنصر العلم وحملته والدعاة إليه وتشجع على البحث العلمي النـزيه النظيف في أي مجال كان وعلى أي ميدان ومن أي جهة ، وتكرم في سبيل ذلك أهله ، وتقدم لهم الجوائز السخية ، والأوسمة الرفيعة ، سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين ، سعوديين أم غير سعوديين على حد سواء في مجال الدعوة الإسلامية أو البحوث العلمية والتطبيقية لأن المقياس هو العلم والعلم وحده ، والبحث وحده ، وهي بهذا الموقف تعمل على صقل العقول ، وتنوير البصائر ، وتلاقي الأفكار المعبرة عن المفاهيم التي تجيش في خواطر العلماء والباحثين وتفيض على قلوبهم ، وتتواجد في نفوسهم ، فيجدون السبيل ميسراً للتعبير بالكلمة، ولا شك أن هذا أقوى سبيل لإظهار الحق وإثباته لأن الوضوح والجلاء هو الأساس في بناء المجتمع ، وتلاحم أبنائه ، ولا يتم هذا إلا بالتعبير عن المفاهيم التي يحس بها الإنسان ويراها بالنسبة لأي قضية إسلامية واجتماعية. وهذه القاعدة هي من أجل الأصول التي ينبغي أن تتبع في الدعوة إلى الإسلام ، لقد أعطى الإسلام الفرصة لأعدائه للنظر والتبصر فقال : } وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ {. وأعطى الفرصة لإبداء أي اعتراض أو مفهوم أو برهان في نفس المعارض المعاند فقال : } قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {. وطلب من المشركين أن ينظروا ويتفكروا في أمر الدين تارة منفردين وتارة مجتمعين ، وذلك بعقد المجالس والندوات للتشاور في حقيقة الدين وحقيقة الداعي محمد r فقال: } قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ {. بل وأعظم من هذا وذلك أنه أعطى الثقة للمعاند ليتقدم ويتكلم ويحس بنفسه وبموقعه وبأنه كائن حي له عقله فلابد أن يعقل وله فهمه فلابد أن يفهم ، وبعد هذا التعقل والتفهم لابد أن نسمع منه ثمرة عقله وثمرة فهمه فقال تعالى: } وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {. هكذا أمر الله تعالى نبيه محمداً r أن يقول للمشركين المبطلين الضالين الذين لا دين لهم صحيح ولا عقيدة معتبرة عند الجدال والمناقشة ، إما أن أكون أنا على هدى أو أنتم ، وإما أن أكون أنا على ضلال أو أنتم. ومن هذا المنطلق أقدم هذه المفاهيم عن بعض القضايا الإسلامية المختلف فيها بين العلماء والتي لا يستطيع أحد أن يقول إنه اتفقت آراء العلماء فيها على كلمة واحدة. ولابد من إظهارها ووضعها بين يدي العلماء والباحثين للدراسة والنظر ، فإن كانت صواباً فالحمد لله وذلك من توفيق الله وتسديده وإن كانت خطأ فإنه مني وباجتهادي. وذلك لبيان الحقيقة وتصحيح المفاهيم العامة وليس لنا من وراء ذلك إلا الإصلاح وتوخي الصواب لأننا بشر نصيب ونخطئ وكل منا يؤخذ منه ويرد عليه إلا السيد المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. وكل كتاب قابل للزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإصلاح والتهذيب إلا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ومن ادعى سوى ذلك فهو مفتر ممتر. ونحن نعوذ بالله من أن نكون ممن يتعلم العلم للمماراة أو للمجادلة كما قال r : ( من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكابر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار ). رواه الترمــذي. وكتابنا هذا كغيره من الكتب ، قابل للإصلاح والمراجعة ، وأنا بفضل الله أعترف في كل كتاب أؤلفه بذلك ، وأقول في آخر ما أكتب : إني أسأل الله التوفيق والسداد فيما كتبته فإن كان صواباً فمن الله ، وإن كان خطأ فمن نفسي واجتهادي. وأرجو ممن يطلع عليه أن يرشدني وأن يدلني على أخطائي. والعلماء لا يزالون يراجع بعضهم بعضاً فيما يكتبون ، فإذا حصل الإقناع والرضا لا يتوقف عن الأخذ به إلا مستكبر ، إلا إذا كان له في ذلك تأويل أو وجهة نظر أو دليل أو شبهة دليل ، فإنه إن لم يلتمس له العذر فأقل ما في الأمر أن يسكت عنه ، والحوار بين العلماء بصورة خاصة يتميز بالموضوعية وروح التفاهم والورع وتقوى الله عز وجل لأن رائدهم جميعاً التوعية والتوجيه والذود عن محارم الله عز وجل والأخذ بيد الناس لكل ما فيه الخير ، فهم ورثة الأنبياء. وإني أسأل الله عز وجل أن يجنبنا مصادر الزلل وأن يهدينا سواء السبيل. إنه سـميع مجيب وبالله التوفيق .. محمد بن علوي المالكي الحسـني
  13. هذا حاصل ما كان في قصة الوهابي بغاية الاختصار ولو بسط الكلام في كل قضية لطال، وكانت فتنهم من المصائب التي أصيب بها أهل الإسلام فإنهم سفكوا كثيرًا من الدماء، وانتهبوا كثيرًا من الأموال، وعمَّ ضررهم، وتطاير شررهم فلا حول ولا قوة إلا بالله، وكثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيها التصريح بهذه الفتنة كقوله صلى الله عليه وسلم :"يخرج أناس من قبل الشرق يقرأون القرءان لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية سيماهم التحليق" وهذا الحديث جاء بروايات كثيرة بعضها في صحيح البخاري وبعضها في غيره لا حاجة لنا إلى الإطالة بنقل تلك الروايات ولا لذكر من خرجها لأنها صحيحة مشهورة ففي قوله "سيماهم التحليق" تصريح بهذه الطائفة لأنهم كانوا يأمرون كل من اتبعهم أن يحلق رأسه، ولم يكن هذا الوصف لأحد من طوائف الخوارج والمبتدعة الذين كانوا قبل زمن هؤلاء، وكان السيد عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد يقول: لا حاجة إلى التأليف في الرد على الوهابية بل يكفي في الرد عليهم قوله صلى الله عليه وسلم "سيماهم التحليق" فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم. واتفق مرة أن امرأة أقامت الحجة على ابن الوهاب لما أكرهوها على اتباعهم ففعلت، أمرها ابن عبد الوهاب أن تحلق رأسها فقالت له حيث أنك تأمر المرأة بحلق رأسها ينبغي لك أن تأمر الرجل بحلق لحيته لأن شعر رأس المرأة زينتها وشعر لحية الرجل زينته فلم يجد لها جوابًا. ومما كان منهم أنهم يمنعون الناس من طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم مع أن أحاديث شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته كثيرة ومتواترة، وأكثر شفاعته لأهل الكبائر من أمته. وكانوا يمنعون من قراءة دلائل الخيرات المشتملة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ذكرها كثير من أوصافه الكاملة ويقولون إن ذلك شرك ويمنعون من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم على المنابر بعد الأذان، حتى أن رجلاً صالحًا كان أعمى، وكان مؤذنًا وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بعد أن كان المنع منهم، فأتوا به إلى ابن عبد الوهاب فأمر به أن يقتل فقتل، ولو تتبعت لك ما كانوا يفعلونه من أمثال ذلك لملأت الدفاتر والأوراق، وفي هذا القدر كفاية والله سبحانه وتعالى أعلم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ والحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمّدٍ و على ءالهِ الطاهرين وصحابته الطيبين. والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
  14. ولما قام ابن عبد الوهاب ومن أعانه بدعوتهم الخبيثة التي كفروا بسببها المسلمين ملكوا قبائل الشرق قبيلة بعد قبيلة، ثم اتسع ملكهم فملكوا اليمن والحرمين وقبائل الحجاز وبلغ ملكهم قريبًا من الشام، فإن ملكهم وصل إلى المزيريب وكانوا في ابتداء أمرهم أرسلوا جماعة من علمائهم ظنًا منهم أنهم يفسدون عقائد علماء الحرمين ويدخلون عليهم الشبهة بالكذب والمين، فلما وصلوا إلى الحرمين وذكروا لعلماء الحرمين عقائدهم وما تملكوا به، رد عليهم علماء الحرمين وأقاموا عليهم الحجج والبراهين التي عجزوا عن دفعها، وتحقق لعلماء الحرمين جهلهم وضلالهم ووجدوهم ضحكة ومسخرة، كحمر مستنفرة، فرَّت من قسورة ونظروا إلى عقائدهم فوجدوها مشتملة على كثير من المكفرات، فبعد أن أقاموا البرهان عليهم كتبوا عليهم حجة عند قاضي الشرع بمكة تتضمن الحكم بكفرهم بتلك العقائد ليشتهر بين الناس أمرهم، فيعلم بذلك الأول والآخر، وكان ذلك في مدة إمارة الشريف مسعود بن سعيد بن سعد بن زيد المتوفى سنة خمس وستين ومائة ألف، وأمر بحبس أولئك الملحدة فحبسوا وفرَّ بعضهم إلى الدرعية فأخبرهم بما شاهدوا فازدادوا عتوًّا واستكبارًا وصار أمراء مكة بعد ذلك يمنعون وصولهم للحج فصاروا يغيرون على بعض القبائل الداخلين تحت طاعة أمير مكة، ثم انتشب القتال بينهم وبين أمير مكة مولانا الشريف غالب بن مساعد بن سعيد بن سعد بن زيد، وكان ابتداء القتال بينهم وبينه من سنة خمس بعد المائتين والألف ووقع بينهم وبينه وقائع كثيرة قتل فيها خلائق كثيرون ولم يزل أمرهم يقوى وبدعتهم تنتشر إلى أن دخل تحت طاعتهم أكثر القبائل والعربان الذين كانوا تحت طاعة أمير مكة. وفي سنة سبع عشرة بعد المائتين والألف ساروا بجيوش كثيرة حتى نازلوا الطائف وحاصروا أهله في شهر ذي القعدة من السنة المذكورة، ثم تملكوهُ وقتلوا أهله رجالاً ونساءً وأطفالاً ولا نجا منهم إلا القليل، ونهبوا جميع أموالهم ثم أرادوا المسير إلى مكة، فعلموا أن مكة في ذلك الوقت فيها كثير من الحجاج، ويقدم إليها الحاج الشامي والمصري فيخرج الجميع لقتالهم فمكثوا في الطائف إلى أن انقضى شهر الحج، وتوجه الحجاج إلى بلادهم وساروا بجيوشهم يريدون مكة ولم يكن للشريف غالب قدرة على قتال جيوشهم، فنزل إلى جدة فخاف أهل مكة أن يفعل الوهابية معهم مثل ما فعلوا مع أهل الطائف فأرسلوا إليهم وطلبوا منهم الأمان لأهل مكة، فأعطوهم الأمان ودخلوا مكة ثامن محرم من السنة الثامنة عشرة بعد المائتين والألف ومكثوا أربعة عشر يومًا يستتيبون الناس ويجددون لهم الإسلام على زعمهم، ويمنعونهم من فعل ما يعتقدون أنه شرك كالتوسل وزيارة القبور، ثم ساروا بجيوشهم إلى جدة لقتال الشريف غالب، فلما أحاطوا بجدة رمى عليهم بالمدافع والقلل فقتل كثيرًا منهم ولم يقدروا على تملك جدة فارتحلوا بعد ثمانية أيام، ورجعوا إلى بلادهم وجعلوا لهم عسكرًا بمكة وأقاموا لهم أميرًا فيها وهو الشريف عبد المعين أخو الشريف غالب، وإنما قبل أمرهم ليرفق بأهل مكة ويدفع ضرر أولئك الأشرار عنهم، وفي شهر ربيع الأول من السنة المذكورة سار الشريف غالب من جدة ومعه وإلى جدة من طرف السلطنة العلية وهو شريف باشا ومعهما العساكر فوصلوا إلى مكة وأخرجوا من كان بها من عساكر الوهابية ورجعت إمارة مكة للشريف غالب ثم بعد ذلك تركوا مكة واشتغلوا بقتال كثير من القبائل، وصار الطائف بأيديهم وجعلوا عليه أميرًا (عثمان المضايفي) فصار هو وبعض جنودهم يقاتلون القبائل التي في أطراف مكة والمدينة ويدخلونهم في طاعتهم حتى استولوا عليهم وعلى جميع الممالك التي كانت تحت طاعة أمير مكة، فتوجه قصدهم بعد ذلك للاستيلاء على مكة فساروا بجيوشهم سنة عشرين وحاصروا مكة وأحاطوا بها من جميع الجهات وشددوا الحصار عليها وقطعوا الطرق ومنعوا الميرة عن مكة، فاشتد الحصار على أهل مكة حتى أكلوا الكلاب لشدة الغلاء وعدم وجود القوت، فاضطر الشريف غالب إلى الصلح معهم وتأمين أهل مكة فوسط أناسًا بينه وبينهم فعقدوا الصلح على شروط فيها رفق بأهل مكة، فمن تلك الشروط أن إمارة مكة تكون له فتم الصلح ودخلوا مكة في أواخر ذي القعدة سنة عشرين وتملكوا المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وانتهبوا الحجرة وأخذوا ما فيها من الأموال، وفعلوا أفعالاً شنيعة، وجعلوا على المدينة أميرًا منهم "مبارك بن مضيان"، واستمر حكمهم في الحرمين سبع سنين ومنعوا دخول الحج الشامي والمصري مع المحامل مكة، وصاروا يصنعون للكعبة المعظمة ثوبًا من العباء القيلان الأسود، وأكرهوا الناس على الدخول في دينهم ومنعوهم من شرب التنباك ومن فعل ذلك وأطّلعوا عليه عزروه بأقبح التعزير، وهدموا القبب التي على قبور الأولياء. وكانت الدولة العثمانية في تلك السنين في ارتباك كثير وشدة قتال مع النصارى، وفي اختلاف في خلع السلاطين وقتلهم كما سنقف عليه إن شاء الله تعالى، ثم صدر الأمر السلطاني (من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلطان محمود خان ثاني بن عبد الحميد خان أول سلطان أحمد) لصاحب مصر محمد علي باشا بالتجهيز لقتال الوهابية وكان ذلك في سنة 1226 فجهز محمد علي باشا جيشًا فيه عساكر كثيرة جعل عليهم بفرمان سلطان ولده طوسون باشا فخرجوا من مصر في رمضان من السنة المذكورة ولم يزالوا سائرين برًا وبحرًا حتى وصلوا إلى ينبع فملكوه من الوهابية، ثم لما وصلت العساكر إلى الصفرا والحديدة وقع بينهم وبين العرب الذين في الحربية قتال شديد بين الصفرا والحديدة وكانت تلك القبائل كلها في طاعة الوهابي وانضم إليها قبائل كثيرة فهزموا ذلك الجيش وقتلوا كثيرًا منهم وانتهبوا جميع ما كان معهم وكان ذلك في شهر ذي الحجة سنة 26، ولم يرجع من ذلك الجيش إلى مصر إلا القليل فجهز جيشًا غيره سنة سبع وعشرين وعزم محمد علي باشا على التوجه إلى الحجاز بنفسه، وتوجهت العساكر قبله في شعبان في غاية القوة والاستعداد وكان معهم من المدافع ثمانية عشر مدفعًا وثلاثة قنابل فاستولت العساكر على ما كان بيد الوهابية وملكوا الصفراء والحديدة وغيرهما في رمضان بلا قتال، بل بالمخادعة ومصانعة العرب بإعطاء الدراهم الكثيرة حتى أنهم أعطوا شيخ مشايخ حرب مائة ألف ريال، وأعطوا شيخًا من صغار المشايخ حرب أيضًا ثمانية عشر ألف ريال ورتبوا لهم علائف تصرف لهم كل شهر، وكان ذلك كله بتدبير شريف مكة الشريف غالب وهو في الظاهر تحت طاعة الوهابي، وأما المرة الأولى التي هزموا فيها فلم يكونوا كاتبوا الشريف غالب في ذلك حتى يكون الأمر بتدبيره، ودخلت العساكر المدينة المنورة في أواخر ذي القعدة، ولما جاءت الأخبار إلى مصر صنعوا زينة ثلاثة أيام وأكثروا من الشنك وضرب المدافع وأرسلوا بشائر لجميع ملوك الروم واستولت العساكر السائرة من طريق البحر على جدة في أوائل المحرم سنة ثمان وعشرين، ثم طلعوا إلى مكة واستولوا عليها أيضًا، وكل ذلك بلا قتال بتدبير الشريف سرًّا، ولما وصلت العساكر إلى جدة فرَّ من كان بمكة من عساكر الوهابية وأمرائهم، وكان سعود أمير الوهابية حج في سنة سبع وعشرين ثم ارتحل إلى الطائف، ثم إلى الدرعية ولم يعلم باستيلاء العساكر السلطانية على المدينة إلا بعد ذلك، ثم لما وصل إلى الدرعية علم باستيلائهم على مكة ثم الطائف ولما وصلت العساكر إلى جدة ومكة فر من الطائف أميرها عثمان المضايفي، وفر من كان بها من عساكر الوهابية وأمرائهم. وفي شهر ربيع الأول من سنة ثمان وعشرين أرسل محمد علي باشا مبشرين إلى دار السلطنة ومعهم المفاتيح وكتبوا إليهم أنها مفاتيح مكة والمدينة وجدة والطائف فدخلوا بها دار السلطنة بموكب حافل ووضعوا المفاتيح على صفائح الذهب والفضة وأمامهم البخورات في مجامر الذهب والفضة وخلفهم الطبول والزمور وعملوا لذلك زينة وشنكًا ومدافع وخلعوا على من جاء بالمفاتيح وزادوا في رتبة محمد علي باشا، وبعثوا له أطواخًا وعدة أطواخ بولايات لمن يختار تقليده، وفي شهر شوال سنة ثمان وعشرين توجه محمد علي باشا بنفسه إلى الحجاز وقبل توجهه من مصر قبض الشريف غالب على عثمان المضايفي الذي كان أميرًا على الطائف للوهابية، وكان من أهل أكبر أعوانهم وأمرائهم فزنجره بالحديد وبعثه إلى مصر فوصل في ذي القعدة بعد توجه الباشا إلى الحجاز، ثم أرسل إلى دار السلطنة فقتلوه ووصل محمد علي باشا في ذي القعدة إلى مكة وقبض على الشريف غالب بن مساعد وبعثه إلى دار السلطنة وأقام لشرافة مكة ابن أخيه الشريف يحيي بن سرور بن مساعد، وفي شهر محرم من سنة 29 بعثوا إلى السلطنة مبارك بن مضيان الذي كان أميرًا على المدينة المنورة للوهابية، فطافوا به في القسطنطينية في موكب ليراه الناس ثم قتلوه وعلقوا رأسه على باب السرايا، وفعل مثل ذلك بعثمان المضايفي، وأما الشريف غالب فأرسلوه إلى سلانيك وبقي بها مكرمًا إلى أن توفي سنة إحدى وثلاثين ودفن بها وبني عليه قبة تزار، ومدة إمارته على مكة ست وعشرون سنة. ثم إن محمد علي باشا وجه كثيرًا من العساكر إلى تربة وبيشة وبلاد غامد وزهران وبلاد عسير لقتال طوائف الوهابية وقطع دابرهم، ثم سار بنفسه في أثرهم في شعبان سنة تسع وعشرين ووصل إلى تلك الديار وقتل كثيرًا منهم وأسر كثيرًا وخرب ديارهم، وفي شهر جمادى الأولى سنة تسع وعشرين هلك سعود أمير الوهابية وقام بالمُلْك بعده ولده عبد الله ورجع محمد علي باشا من تلك الديار التي وصلها من ديار الوهابية عند إقبال الحج، وحج ومكث بمكة إلى رجب سنة ثلاثين ثم توجه إلى مصر وترك بمكة حسن باشا، ووصل الباشا إلى مصر في منتصف رجب سنة ثلاثين ومائتين وألف، فتكون إقامته بالحجاز سنة وسبعة أشهر، وما رجع إلى مصر إلا بعد أن مهد أمور الحجاز، وأباد طوائف الوهابية التي كانت منتشرة في جميع قبائل الحجاز والشرق وبقي منهم بقية بالدرعية أميرهم عبد الله بن سعود فجهز محمد علي باشا لقتاله جيشًا وأرسله تحت قيادة ابنه إبراهيم باشا، وكان عبد الله بن سعود قبل ذلك يكاتب مع طوسون باشا بن محمد علي باشا حين كان بالمدينة وعقد معه صلحًا على بقاء إمارته ودخوله تحت طاعة محمد علي باشا، فلم يرض محمد علي باشا بهذا الصلح فجهز ولده إبراهيم باشا وجعل أمر العساكر إليه، وكان ابتداء ذلك في أواخر سنة إحدى وثلاثين فوصل إلى الدرعية سنة اثنتين وثلاثين ونازل بجيوشه عبد الله بن سعود في ذي القعدة سنة 33، ولما جاءت الأخبار إلى مصر ضربوا لذلك ألف مدفع وفعلوا شنكًا وزينوا مصر وقراها سبعة أيام، وكان محمد علي باشا له اهتمام كبير في قتال الوهابية وأنفق في ذلك خزائن من الأموال حتى أخبر بعض من كان يباشر خدمته أنهم دفعوا في دفعة من الدفعات لأجرة تحميل بعض الذخائر خمسة وأربعين ألف ريال، هذا في مرة من المرات كان ذلك الحمل من الينبع إلى المدينة عن أجرة كل بعير ست ريالات دفع نصفها أمير ينبع والنصف الآخر أمير المدينة، وعند وصول الحمل من المدينة إلى الدرعية كان أجر تلك الحملة فقط مائة وأربعين ألف ريال، وقبض إبراهيم باشا على عبد الله بن سعود وبعث به وكثير من أمرائهم إلى مصر فوصل في سابع عشر محرم سنة أربع وثلاثين وصنعوا له موكبًا حافلاً يراه الناس وأركبوه على هجين وازدحم الناس للتفرج عليه، ولما دخل على محمد علي باشا قام له وقابله بالبشاشة وأجلسه بجانبه وحادثه، وقال له الباشا ما هذه المطاولة؟ فقال الحرب سجال قال، وكيف رأيت ابني إبراهيم باشا قال: ما قصر وبذل همته ونحن كذلك حتى كان ما قدره الله تعالى فقال له الباشا أنا أترجى فيك عند مولانا السلطان، فقال المقدّر يكون ثم ألبسه خلعة وانصرف إلى بيت إسماعيل باشا ببولاق، وكان بصحبة عبد الله بن سعود صندوق صغير مصفح فقال الباشا له. ما هذا؟ فقال هذا ما أخذه أبي من الحجرة أصحبه معي إلى السلطان، فأمر الباشا بفتحه فوجدوا فيه ثلاثة مصاحف من خزائن الملوك لم ير الراؤون أحسن منها ومعها ثلاثمائة حبة من اللؤلؤ الكبار وحبة زمرد كبيرة وشريط من الذهب، فقال له الباشا الذي أخذتموه من الحجرة أشياء كثيرة غير هذا، فقال: هذا الذي وجدته عند أبي فإنه لم يستأصل كل ما كان في الحجرة لنفسه بل أخذه العرب وأهل المدينة وأغاوات الحرم وشريف مكة، فقال الباشا صحيح وجدنا عند الشريف أشياء من ذلك. ثم أرسلوا عبد الله بن سعود إلى دار السلطنة ورجع إبراهيم باشا من الحجاز إلى مصر في شهر المحرم من سنة 35 بعد أن أخرب الدرعية خرابًا كليًا حتى تركوا سكناها. ولما وصل عبد الله بن سعود إلى دار السلطنة في شهر ربيع الأول طافوا به البلد ليراه الناس ثم قتلوه عند باب همايون وقتلوا أتباعه أيضًا في نواح متفرقة. هذا حاصل ما كان في قصة الوهابي بغاية الاختصار ولو بسط الكلام في كل قضية لطال، وكانت فتنهم من المصائب التي أصيب بها أهل الإسلام فإنهم سفكوا كثيرًا من الدماء، وانتهبوا كثيرًا من الأموال، وعمَّ ضررهم، وتطاير شررهم فلا حول ولا قوة إلا بالله، وكثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيها التصريح بهذه الفتنة كقوله صلى الله عليه وسلم :"يخرج أناس من قبل الشرق يقرأون القرءان لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية سيماهم التحليق" وهذا الحديث جاء بروايات كثيرة بعضها في صحيح البخاري وبعضها في غيره لا حاجة لنا إلى الإطالة بنقل تلك الروايات ولا لذكر من خرجها لأنها صحيحة مشهورة ففي قوله "سيماهم التحليق" تصريح بهذه الطائفة لأنهم كانوا يأمرون كل من اتبعهم أن يحلق رأسه، ولم يكن هذا الوصف لأحد من طوائف الخوارج والمبتدعة الذين كانوا قبل زمن هؤلاء، وكان السيد عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد يقول: لا حاجة إلى التأليف في الرد على الوهابية بل يكفي في الرد عليهم قوله صلى الله عليه وسلم "سيماهم التحليق" فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم. واتفق مرة أ
  15. فتنة الوهابية ترجمة المؤلف (مؤلف كتاب فتنة الوهابية) ـــــــــــــــــــــــــــــــــ هو أحمد بن زين بن أحمد دحلان المكي، الشافعي، فقيه، مؤرخ، شارك في أنواع من العلوم، مفتي السادة الشافعية بمكة المعظمة، وشيخ الإسلام. ولد بمكة سنة 1231هـ وتوفي بالمدينة في المحرم سنة 1304هـ. له مؤلفات كثيرة مطبوعة متداولة منها: الأزهار الزينية في شرح متن الألفية، وتاريخ الدول الإسلامية بالجداول المرضية، وفتح الجواد المنان على العقيدة المسماة بفيض الرحمن، والدرر السنيّة في الرد على الوهابية، ونهل العطشان على فتح الرحمن، في تجويد القرءان، وخلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام، والفتوحات الإسلامية، إلى غير ذلك. ومنها هذا الكتيب الذي بين يدي القارىء، ءاملين أن يستفيد القراء منه والله من وراء القصد فتنة الوهابية اعلم أن السلطان سليم الثالث (1204- 1222هـ) حدث في مدة سلطنته فتن كثيرة منها ما تقدم ذكره، ومنها فتنة الوهابية التي كانت في الحجاز حتى استولوا على الحرمين ومنعوا وصول الحج الشامي والمصري، ومنها فتنة الفرنسيس لما استولوا على مصر من سنة ثلاث عشرة (1213) إلى سنة ست عشرة (1216) ولنذكر ما يتعلق بهاتين الفتنتين على سبيل الاختصار لأن كلاً منهما مذكور تفصيلاً في التواريخ وأفرد كل منهما بتأليف رسائل مخصوصة، أما فتنة الوهابية فكان ابتداء القتال فيها بينهم وبين أمير مكة مولانا الشريف غالب بن مساعد وهو نائب من جهة السلطنة العليَّة على الأقطار الحجازية وابتداء القتال بينهم وبينه من سنة خمس بعد المائتين والألف وكان ذلك في مدة سلطنة مولانا السلطان سليم الثالث ابن السلطان مصطفى الثالث بن أحمد (وأما ابتداء أول ظهور الوهابية) فكان قبل ذلك بسنين كثيرة وكانت قوتهم وشوكتهم في بلادهم أولاً، ثم كثر شرهم وتزايد ضررهم واتسع ملكهم وقتلوا من الخلائق ما لا يحصون واستباحوا أموالهم وسبوا نساءهم وكان مؤسس مذهبهم الخبيث محمد بن عبد الوهاب وأصله من المشرق من بني تميم وكان من المعمرين فكاد يعد من المنظرين لأنه عاش قريب مائة سنة حتى انتشر عنه ضلالهم، كانت ولادته سنة ألف ومائة وإحدى عشرة وهلك سنة ألف ومائتين، وأرخه بعضهم بقوله: (بدا هلاك الخبيث) 1206 وكان في ابتداء أمره من طلبة العلم بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وكان أبوه رجلاً صالحًا من أهل العلم وكذا أخوه الشيخ سليمان، وكان أبوه وأخوه ومشايخه يتفرسون فيه أنه سيكون منه زيغ وضلال لما يشاهدونه من أقواله وأفعاله ونزعاته في كثير من المسائل، وكانوا يوبخونه ويحذرون الناس منه فحقق الله فراستهم فيه لما ابتدع من الزيغ والضلال الذي أغوى به الجاهلين وخالف فيه أئمة الدين وتوصل بذلك إلى تكفير المؤمنين فزعم أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به وبالأنبياء والأولياء والصالحين وزيارة قبورهم شرك، وأن نداء النبي صلى الله عليه وسلم عند التوسل بهم شرك، وكذا نداء غيره من الأنبياء والأولياء الصالحين عند التوسل بهم شرك، وأن من أسند شيئًا لغير الله ولو على سبيل المجاز العقلي يكون مشركًا نحو نفعني هذا الدواء، وهذا الولي الفلاني عند التوسل به في شىء. وتمسك بأدلة لا تنتج له شيئًا من مرامه، وأتى بعبارات مزورة زخرفها ولبَّسَ بها على العوام حتى تبعوه، وألف لهم في ذلك رسائل حتى اعتقدوا كفر أكثر أهل التوحيد، واتصل بأمراء المشرق أهل الدرعية ومكث عندهم حتى نصروه وقاموا بدعوته وجعلوا ذلك وسيلة إلى تقوية ملكهم واتساعه، وتسلطوا على الأعراب وأهل البوادي حتى تبعوهم وصاروا جندًا لهم بلا عوض وصاروا يعتقدون أن من لم يعتقد ما قاله ابن عبد الوهاب فهو كافر مشرك مهدر الدم والمال، وكان ابتداء ظهور أمره سنة ألف ومائة وثلاث وأربعين، وابتداء انتشاره من بعد الخمسين ومائة وألف. وألّف العلماء رسائل كثيرة للرد عليه حتى أخوه الشيخ سليمان وبقية مشايخه وكان ممن قام بنصرته وانتشار دعوته من أمراء المشرق محمد بن سعود أمير الدرعية وكان من بني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، ولما مات محمد بن سعود قام بها ولده عبد العزيز بن محمد بن سعود، وكان كثير من مشايخ ابن عبد الوهاب بالمدينة يقولون سيضل هذا أو يضل الله به من أبعده وأشقاه فكان الأمر كذلك، وزعم محمد بن عبد الوهاب أن مراده بهذا المذهب الذي ابتدعه إخلاص التوحيد والتبري من الشرك وأن الناس كانوا على شرك منذ ستمائة سنة وأنه جدد للناس دينهم وحمل الآيات القرءانية التي نزلت في المشركين على أهل التوحيد كقوله تعالى: {ومن أضلّ ممن يدعو من دونِ اللهِ من لا يستجيبُ لهُ إلى يومِ القيامةِ وهم عن دُعائهم غافلون} وكقوله تعالى {ولا تدعُ من دونِ اللهِ ما لا ينفعكَ ولا يضرُّك} وكقوله تعالى {والذينَ يدعونَ من لا يستجيبُ لهم إلى يومِ القيامة} وأمثال هذه الآيات في القرءان كثيرة، فقال محمد بن عبد الوهاب من استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين أو ناداه أو سأله الشفاعة فإنه مثل هؤلاء المشركين ويدخل في عموم هذه الآيات، وجعل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين مثل ذلك، وقال في قوله تعالى حكاية عن المشركين في عبادة الأصنام {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} إن المتوسلين مثل هؤلاء المشركين الذين يقولون {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال:"فإن المشركين ما اعتقدوا في الأصنام أنها تخلق شيئًا بل يعتقدون أن الخالق هو الله تعالى بدليل قوله تعالى: {ولئنْ سألتهم من خلقهُم ليقولنَّ الله} و {ولئنْ سألتهم من خلقَ السمواتِ والأرضَ ليقولنَّ الله} فما حكم الله عليهم بالكفر والإشراك إلا لقولهم ليقربونا إلى الله زلفى فهؤلاء مثلهم". وما ردوا به عليه في الرسائل المؤلفة للرد عليه أن هذا استدلال باطل فإن المؤمنين ما اتخذوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا الأولياء ءالهة وجعلوهم شركاء لله بل إنهم يعتقدون أنهم عبيد الله مخلوقون ولا يعتقدون أنهم مستحقون العبادة. وأما المشركون الذين نزلت فيهم هذه الآيات فكانوا يعتقدون استحقاق أصنامهم الألوهية ويعظمونها تعظيم الربوبية وإن كانوا يعتقدون أنها لا تخلق شيئًا، وأما المؤمنون فلا يعتقدون في الأنبياء والأولياء استحقاق العبادة والألوهية ولا يعظمونهم تعظيم الربوبية، بل يعتقدون أنهم عباد الله وأحباؤه الذين اصطفاهم واجتباهم وببركتهم يرحم عباده فيقصدون بالتبرك بهم رحمة الله تعالى، ولذلك شواهد كثيرة من الكتاب والسنة. فاعتقاد المسلمين أن الخالق الضار والنافع المستحقّ العبادة هو الله وحده ولا يعتقدون التأثير لأحد سواه، وأن الأنبياء والأولياء لا يخلقون شيئًَا ولا يملكون ضرًّا ولا نفعًا وإنما يرحم اللهُ العبادَ ببركتهم. فاعتقاد المشركين استحقاق أصنامهم العبادة والألوهية هو الذي أوقعهم في الشركِ لا مجرد قولهم (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله)، لأنهم لما أقيمت عليهم الحجة بأنها لا تستحق العبادة وهم يعتقدون استحقاقها العبادة قالوا معتذرين (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) فكيف يجوز لابن عبد الوهاب ومن تبعه أن يجعلوا المؤمنين الموحدين مثل أولئك المشركين الذين يعتقدون ألوهية الأصنام؟! فجميع الآيات المتقدمة وما كان مثلها خاصّ بالكفار والمشركين ولا يدخل فيه أحد من المؤمنين. روى البخاريّ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلى ءايات نزلت في الكفار فحملوها على المؤمنين، وفي رواية عن ابن عمر أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم قال :"أخوَفُ ما أخاف على أمّتي رجل يتأوّل القرءان بصنعه في غير موضعه" فهو وما قبله صادق على هذه الطائفة. ولو كان شىء مما صنعه المؤمنون من التوسل وغيره شركًا ما كان يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وخلفها. ففي الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه :"اللهمّ إني أسألك بحقّ السائلين عليك" وهذا توسّل لا شكّ فيهِ وكان يُعلّم هذا الدّعاء أصحابَه ويأمرهم بالإتيانِ به، وبسط ذلكَ طويل مذكور في الكتب وفي الرسائل التي في الردّ على ابن عبد الوهاب. وصحّ عنه أنه صلى الله عليه وسلم لما ماتت فاطمة بنت أسد أمّ عليّ رضي الله عنها ألحدها صلى الله عليه وسلم في القبر بيده الشريفة وقال :"اللهمَّ اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسّعْ عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي إنك أرحم الراحمين" وصح أنّه صلى الله عليه وسلم سأله أعمى أن يردّ اللهُ بصرَه بدعائِه فأمره بالطهارةِ وصلاة ركعتين ثم يقول :"اللهمَّ إني أسألُك وأتوجّه إليكَ بنبيّك محمد نبيّ الرحمةِ يا محمّد إنّي أتوجه بكَ إلى ربي في حاجتي لتُقضى اللهمَّ شفّعه فيَّ" ففعل فرد اللهُ عليه بصره، وصحّ أن ءادمَ عليه السلام توسّل بنبيّنا صلى الله عليه وسلم حين أكل من الشجرةِ لأنّه لما رأى اسمَه صلى الله عليه وسلم مكتوبًا على العرشِ وعلى غرف الجنة وعلى جباه الملائكة سأل عنه فقال الله له: هذا ولد من أولادك. فقال اللهمّ بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد فنودي يا ءادمُ لو تشفعت إلينا بمحمد في أهل السماء والأرض لشفعناك. وتوسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنه لما استسقى الناس وغير ذلك مما هو مشهور فلا حاجة إلى الإطالة بذكره والتوسل الذي في حديث الأعمى قد استعمله الصحابة السلف بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه لفظ "يا محمَّد"، وذلك نداء عند المتوسل. ومن تتبع كلام الصحابةِ والتابعين يجد شيئًا كثيرًا من ذلكَ كقول بلال بن الحارث الصحابي رضي الله عنهُ عند قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم :"يا رسول الله استسق لأمّتك" كالنداء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة القبور. وممن ألف في الرد على ابن عبد الوهاب أكبر مشايخه وهو الشيخ محمد ابن سليمان الكردي مؤلف حواشي شرح ابن حجر على متن بافضل فقال من جملة كلامه: يا ابن عبد الوهاب إني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين فإن سمعتَ من شخص أنه يعتقد تأثير ذلكَ المستغاث به من دون الله فعرفه الصواب وأبِنْ له الأدلة على أنه لا تأثير لغير الله فإن أبى فكفره حينئذ بخصوصه ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين، وأنت شاذ عن السواد الأعظم فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين. قال تعالى :{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونصلِه جهنّم وساءت مصيرًا} وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.اهـ. وأما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد فعلها الصحابةُ رضي الله عنهم ومن بعدهم من السلف والخلف وجاء في فضلها أحاديث أفردت بالتأليف، ومما جاء في النداء لغير الله تعالى من غائب وميت وجماد قوله صلى الله عليه وسلم :"إذا أفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله أحبسوا فإن لله عبادًا يجيبونه" وفي حديث ءاخر :"إذا أضلّ أحدكم شيئًا أو أراد عونًا وهو بأرضٍ ليس فيها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني" وفي رواية "أغيثوني"، "فإن لله عبادًا لا ترونهم". وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال :"يا أرض، ربي وربك الله" وكان صلى الله عليه وسلم إذا زار قال :"السلام عليكم يا أهل القبور" وفي التشهد الذي يأتي به كل مسلم في كل صلاة صورة النداء في قوله :"السلام عليك أيها النبيّ". والحاصل أن النداء والتوسل ليس في شىء منهما ضرر إلا إذا اعتقدَ التأثير لمن ناداه أو توسل به، ومتى كان معتقدًا أن التأثير لله لا لغير الله فلا ضرر في ذلك، وكذلكَ إسناد فعل من الأفعال لغير الله لا يضرّ إلا إذا اعتقدَ التأثير، ومتى لم يعتقد التأثير فإنه يُحمل على المجاز العقليّ كقوله: نفعني هذا الدواء أو فلان الوليّ، فهو مثل قوله: أشبعني هذا الطعام، وأرواني هذا الماء، وشفاني هذا الدواء. فمتى صدر ذلك من مسلم فإنه يحمل على الإسناد المجازي والإسلام قرينة كافية في ذلكَ فلا سبيل إلى تكفير أحد بشىء من ذلكَ، ويكفي هذا الذي ذكرناه إجمالاً في الرد على ابن عبد الوهاب ومن أراد بسط الكلام فليرجع إلى الرسائل المؤلفة في ذلكَ وقد لخصت ما فيها في رسالة مختصرة فلينظرها من أرادها.
  16. walikum us salam , g aap ki baat durust hai isi maslay kai paish e nazar moderators aur super moderators ki tadad main izafa bhi kya gya hai , naiz 10 post ki conformation wala modz find karna hoga keh ipb ke latest version main yeh available ya nahi , agar is tarah ka mil jayega tu add kardya jayega warna dosri koi tarekeeb kardi ajyeegi takeh yeh masala hall hojayee..
  17. Shareef Raza

    حدیث اجتہاد

    Assalamualikum...
  18. Walikum us salam , Maine is ki posts delet kardi hain , phir koi post ap ki nazar me ho jo na ki gayi ho us ki nishandhi farmadijyega , naiz status in ka change kardya he ab ye post nahi karsakainge munazra wale secation ke ilawa me.

  19. Aap Apna User, Name Change Karna Chahte hen ?, Ya Display Name ...? Batain Main Change Kardeta Hon .
  20. وعلیکم السلام ۔ آپ کا پی ایم اس حوالے سے موصول ہوا، میں نے جواب ریپلائی میں ارسال کردیا تھا ۔واقعی آپ کا مشورہ قابل قدر ہے۔ اور یہ سیکشن بنادیا گیا ہے۔
  21. aap ab msg karsakte hen..!

  22. اس شبہے کا جواب پوسٹ کے آخر میں ہی موجود ہے ، ابن القیم جو کہ مخالفین کے نزدیک معتمد و مستند ہیں ان کے قول سے دلیل دی گئی ہے۔ تنبیہ: یہ سیکشن قرآن کریم و حدیث مبارکہ کے فیوضات و برکات سے مستفید ہونے کے لئے ہے بحث و مباحثہ کے لئے مناظرہ سیکشن موجود ہے۔
×
×
  • Create New...